وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، وإتباعاً لسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -، واستحبوا أن يأتي بهذا الدعاء عند محاذاة الحجر الأسود واستلامه في كل طوفة.
ومذهب الشافعي: أن قراءة القرآن في الطواف أفضلُ من الدعاء بغير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الاشتغال بالدعاء المأثور الصحيح أفضلُ من الاشتغال بقراءة القرآن، وقال أبو حنيفة: ذكرُ الله أفضلُ من القراءة، وكرهَها مالك، والصحيح عند الحنابلة: أنه لا بأس بها سراً، والذي صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطواف: أنه كَبَّرَ عندَ أركان البيت، وقال بين الركنين اليماني والحجر الأسود:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: ٢٠١] وأن ذلك كان أكثر دعائه - صلى الله عليه وسلم - فيه.
وفي "الصحيحين" من غير تقييد بالطواف. قال الشافعي: إنه أحبُّ ما يقال فيه، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يدعو في الطواف بـ: اللهم قَنّعني بما رزقتني، وباركْ لي فيه، واخلفْ عليَّ كلَّ غائبة لي بخير". وحكى صاحب "الهداية" وغيرُه من الحنفية عن محمد بن الحسن: أنه لم يذكر أدعيةً خاصة لمشاهد الحج؛ لأن التوقيت في الدعاء يُذهب رقةَ القلب، وقال: أن يترك بالمنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فحسن، وأنكر مالك: التحديد في الدعاء في الطواف وغيره من مشاهد الحج، وغير المحدود منه سنة عندهم في الطواف. ويروى: أن الدعاء يستجاب فيه، فليدع الطائفُ لنفسه، ولمن أحبَّ بما أحبَّ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس فيه ذكر محدود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا بأمره، ولا بقوله، ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك، فلا أصل له، انتهى. وأباح الله سبحانه فيه الكلام، فمن تكلم فيه، فلا يتكلمْ إلا بخير.
[٥ - فصل في صفة الطواف]
إذا وصل إلى الحجر الأسود، فَلْيحاذِه بجميع بدنه؛ كما قال الشافعية، والحنابلة، فيقف عن يمينه مستقبلَ البيت، أو يقف والبيتُ عن يساره قبل محاذاة الحجر الأسود، وينوي عند الأربعة بطوافه الأول: طواف القدوم، إن كان