واتفق أهل العلم على أن الهدي مستحب للحاج المفرد، وللمعتمر المفرد، وواجب على المتمتع والقارن، وعلى من وجب عليه جزاءُ العدوان على الإحرام، فالمستحب:[أنْ] يأكله المُهدي ويتصدق به، قال النووي: أجمع العلماء على أن الأكل من هدي التطوع وأضحيته سنة، انتهى. وأما جزاء العدوان، فلا يأكله، ويتصدق به، وأما دم التمتع والقِران، فلا يأكله عند الشافعي، بل يتصدق بكله، وعند أبي حنيفة: يأكله، ويتصدق به.
قال الشوكاني: والظاهر: أنه يجوز الأكل من الهدي من غير فرق بين ما كان منه تطوعاً، وما كان فرضاً؛ لعموم قوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا}[الحج: ٣٦] ولم يفصل، والتمسك بالقياس على الزكاة في عدم جواز الأكل من الهدي الواجب لا ينتهض لتخصيص هذا العموم، انتهى.
ويسن في الهدي: التقليدُ، والإشعار، والتعريف، للأحاديث الواردة فيها، وعليه الشافعي، وكره أبو حنيفة الإشعار، والأحاديث تردُّ عليه، وقد خالفه الناس في ذلك، حتى صاحباه أبو يوسف ومحمد. والإشعار: أن يكشط جلد البدَنَة حتى يسيل دم، ثم يَسْلُته، فيكون ذلك علامة على كونها هَدْياً، ويكون ذلك في صفحة سنامها الأيمن.
وقد ذهب إلى مشروعيته الجمهورُ من السلف والخلف إلا أبا حنيفة. قال ابن المنذر: أنكر مالكٌ وأصحابُ الرأي التقليدَ للغنم، وكأنهم لم يبلغهم الحديث. والمستحبُّ تقليد نعلينِ لا واحدة، وقد اشترطه الثوري، وقال غيره: تجزىء