الليل إلى منى قبل زحمة الناس، ولا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر حتى يطلع الفجر، ويصلوا بها الصبح، ويتأهب للرحيل من مزدلفة إلى منى.
واستجب الشافعية أن يأخذ منها الحصى لرمي جمرة العقبة، ففيها حجار رخوة صغار، فيأخذ سبعين [٧٠] حصاة، فإنها قدر الحاجة، ولا بأس بأن يستظهر بزيادة، فربما يسقط منه بعضها، ولتكن الحصى خفافاً بحيث يحتوي عليه أطراف البراجم، وأمر - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس بلقط حصى الخذف، وقال للناس: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدين، ولم يلتقطها من الليل كما يفعله الناس اليوم، ولا كسرها من الجبال.
قال الشافعية: يأخذ الحصى لرمي أيام التشريق من غير المزدلفة، وقال جماعة من الحنفية: يأخذ من المزدلفة سبعين حصاة، وقال صاحب "المحيط": يأخذ حصى الجمار من قارعة الطريق، وعند المالكية: يأخذ من أي موضع، وقال كثير من الحنابلة: يأخذ جميع حصى الجمار من المزدلفة، ومن أي موضع أخذ الحصى، أجزأه عند الأربعة، إلا أن الحنابلة قالوا: إنه يجزي الرمي بما رمى به هو أو غيره، ولا بالحجر النجس في الأصح.
والسنة بالاتفاق: أنه يصلي بالمزدلفة الصبح في أول وقتها، ثم يسير إلى قُزَح، ومزدلفةُ كلها موقف كما قال - صلى الله عليه وسلم - فحيث وقف منها، جاز بالاتفاق، وعند المالكية: أنه لا فضل لموضع على موضع؛ كما قالوا في عرفة، والسنة: أن يتوجه إلى منى بعد الإسفار الكثير بالاتفاق، لكن المالكية قالوا: لا وقوف بعد الإسفار، ويستحب أن ينفر منها بسكينة ووقار كما قلنا.
[١٠ - فصل في الوقوف بالمشعر الحرام]
قال الله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}[البقرة: ١٩٨] فإذا أفاض من عرفات، ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين، وهو طريق الناس اليوم، وإنما قال الفقهاء: على طريق