المأزمين؛ لأنه إلى عرفات طريق آخر يسمى: طريق ضب، ومنها دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفات، وخرج على طريق المأزمين، فكان في المناسك والأعياد: يذهب من طريق، ويرجع من أخرى.
فدخل مكة من الثنية العليا، وخرج منها من الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة، وخرج عند الوداع من باب خرورة، ودخل عرفات من طريق ضب، وخرج من طريق المأزمين، وأتى إلى جمرة العقبة يوم العيد من الطريق الوسطى التي يخرج منها إلى خارج منى، ثم يعطف على يساره إلى الجمرة.
ومزدلفةُ كلها يقال لها:"المشعر الحرام"، وقُزَحُ: جبلٌ يقف الناس اليوم فيه، وقد بنى عليه اليوم بناء، وهو المكان الذي يخصه كثير من الفقهاء باسم:"المشعر الحرام"، فإذا كان قبل طلوع الشمس، أفاض من مزدلفة، ثم يقف بالمشعر إلى أن يسفر جداً، وهو آخر المزدلفة، فيقف مستقبلاً للقبلة، ويأخذ بالدعاء والتضرع والتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح، وهو نص القرآن الكريم، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه صار اليوم شرعاً منسوخاً، فلا يقف عنده واحد من ألف، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم، منهم: مجاهد، وقتادة، والزهري، والثوري: إلى أن من لم يقف بالمشعر، فقد ضيع نسكاً، وعليه دم، وهو قول أَبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وروي عن عطاء، والأوزاعي: أنه لا دم عليه، وإنما هو منزل، من شاء نزل، ومن شاء لم ينزل به، وذهب ابن بنت الشافعي، وابن خزيمة إلى أن الوقوف بها ركن لا يتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، وروي عن علقمة، والنخعي، واحتج الطحاوي بأن الله -عز وجل- لم يذكر الوقوف، وإنما قال:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٨]، وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في القرآن ليس من تمام الحج، فالموطن الذي يكون فيه الذكر أحرى ألا يكون فرضاً.
قال النووي: إذا انصرف من المشعر الحرام إلى منى، فشعاره: التلبيةُ