الشريفة. قلت: وذلك يحتاج إلى سند؛ لأن المكفِّر إنما هو اتباع هديه وسننه ظاهراً وباطناً دون تتبع آثاره الأرضية فقط فتدبر.
[١٠ - فصل في النظر إلى البيت]
إذا وقع النظر على البيت، فليكنْ ذلك مقترناً بالتعظيم والإجلال، وليحضر في نفسه ما خُص به من تشريف النسبة وأوصاف الجلال والجمال. روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "النظر إلى البيت الحرام عبادة" أخرجه ابن الجوزي. وقال ابن عباس: النظر إلى الكعبة محض الإيمان، وعن سعيد بن المسيب: من نظر إلى الكعبة إيماناً وتصديقاً، خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه، رواه الأرزقي، وفي الحديث:"فيه عشرون رحمة للناظرين"، وهذه الآثار تحتاج إلى النظر في سندها، وروي أن الشِّبْليَّ لما حج البيت ووصل إليه ورآه، عظم عنده ذلك، فأنشد طرباً:
أبطحاءَ مكةَ هذا الذي ... أراهُ عِياناً وهَذا أنا
وصار يكرره حتى غُشي عليه.
وقال آخر:
هذه دارهم وأنتَ محبٌّ ... فما بقاءُ الدموعِ في الآماق
قلت: وقد تمثلتُ بهما عند وصولي مكة، وكان العارفون وأرباب القلوب ينزعجون إذا دخلوا مكة، ولاحت لهم أنوار الكعبة، فيهيمون عن مشاهدة ذلك الجمال؛ لأن رؤية المنزل تذكِّر صاحبَ المنزل. وحجت امرأة عابدة، فلما دخلت مكة، جعلت تقول: أين يبيت ربي؟ أين يبيت ربي؟ فاشتدت نحوه تسعى حتى ألصقت جبينها بحائط البيت، فما رُفعت إلا ميتة -رحمها الله تعالى، ورضي عنها-.
[١١ - فصل في محلات يستجاب الدعاء بها]
قال الحسن البصري: الدعاء مستجاب هناك في خمسةَ عشرَ موضعاً: