فرض تقدمه، ففيه الخلاف المشهور في الأصل في جواز تخصيص العام المتأخر بالخاص المتقدم كما هو المذهب الحق، أو جعل العام المتأخر ناسخاً كما ذهب إليه البعض.
قال الشوكاني: إذا تقرر هذا، فالحق أنه يحرم أن يتزوج المحرمُ أو يزوِّجَ غيرَه كما ذهب إليه الجمهور، والشافعية، والمالكية، والحنابلة. وقال عطاء، وعكرمة، وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج، كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتُعقب بأنه قياس في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار، وظاهرُ النهي: عدمُ الفرق من تزويج غيره بالولاية الخاصة والعامة؛ كالسلطان والقاضي.
وقال بعض الشافعية: يجوز أن يزوج بالولاية العامة، وهو تخصيص لعموم النص بلا مخصص، انتهى.
قلت: ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته؛ كالقبلة، واللمس بشهوة باتفاق الأربعة، ولا يطأ شيئاً لا امرأة ولا غيرها ولا ينظر بشهوة، فإن جامعَ، فسد حجُّه، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، وإذا فسد الحج أو العمرة بالوطء، لزمه إتمامه، والقضاء والكفارة باتفاقهم، والقبلة واللمس بشهوة يوجب الكفارة باتفاق الأربعة، ولا يفسد النسكَ، وإن حصل الإنزال عند الشافعية والحنفية، ويفسده إن حصل إنزالٌ بتذكر أو نحوه عند المالكية والحنابلة، وكفارة الوطء شاة؛ لأنه أقل ما يصدق عليه الهدي، وهو مروي عن أبي حنيفة، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واهد هدياً" كما في مرسل أبي داود.
وذهب الجمهور إلى أنها بدنة على الزوج، وبدنة على الزوجة، وتجب بدنة الزوجة على الزوج مطلقاً. وقال الشافعي: إذا كانت مكرَهة لا مطاوِعة، وقال أبو حنيفة ومحمد: على الزوج مطلقاً، وقال الشافعي في أحد قوليه: عليهما هدي واحد، وفي "المسوى": لو جامع قبل الوقوف، فسد حجه عند أبي حنيفة، وعليه شاة، ويحج من قابِل، وليس عليهما التفرق، وإن جامع بعد الوقوف، لا يفسد حجه، وعليه بدنة، وعند الشافعي: إن جامع قبل التحلل