التاسعة من الهجرة، وأنكر ذلك عليه أهلُ العلم في ذلك العصر، ووضعوا فيه مؤلفات.
وقد بينتُ ذلك في غير هذا الموضع، ويا لله العجب من بدعة يحدثها من هو شر ملوك المسلمين في خير بقاع الأرضين، كيف لم يغضب لها من جاء بعده من الملوك المائلين إلى الخير؟! ولا سيما قد صارت هذه المقامات سبباً من أسباب تفريق الجماعات.
وقد كان الصادق الصدوق - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الاختلاف والفرقة، ويرشد إلى الاجتماع والأُلفة كما في الأحاديث الصحيحة، بل نهى عن تفريق الجماعات في الصلاة.
وبالجملة: فكل متشرع يعلم أنه حدثت بسبب هذه المذاهب التي فرقت الإسلام فرقة مفسدة أصيب بها الدين وأهله، وأن من أعظمها خطراً وأشدها على الإسلام ما يقع الآن في الحرم الشريف من تفرق الجماعات (١) ووقوف كل طائفة
(١) لقد أزال تفرق الجماعات: حامي الحرمين جلالة الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ملك المملكة العربية السعودية حينما استولى الموحدون على الحجاز في عام (١٣٤٤ هـ ١٩٢٥ م)، وأقام جماعة واحدة، وحملها على الاقتداء بإمام واحد على طريق السلف الصالح في المسجد الحرام، فله الجزاء الأوفى على هذا العمل، واستمر تفرق الجماعات قروناً عديدة. وكذلك قمع جميع البدع والخرافات، وقضى على مظاهر الشرك التي كانت شائعة في البلاد المقدسة، وأقام الدين الحنيف. ومن أعمال جلالته الهامة استتباب الأمن الذي فقد هناك، وأسس حكومته على أسس من العدالة التي كانت من أسباب تقدم البلاد في العمران وتعبيد الطرق والمواصلات، وتوفير الماء وإنشاء ميناء جدة، وهذه المشروعات كلها لم تبن إلا في ربع القرن الأخير، أي: القرن الرابع عشر الهجري، وكذلك المعاهد والمدارس، وتقدم الطباعة والنشر للكتب الدينية. وبعد رحيل المغفور له في عام (١٣٧٣ هـ ١٩٥٣ م)، خلفه على الحكم نجله عاهل المملكة العربية السعودية الإمام سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -أيده الله بنصره العزيز-، وتعيش البلاد تحت لوائه، وقد ازدهرت البلاد في عهده في جميع أنواع التقدم، ولهذا أصبح جلالته محبوباً بين المسلمين، وفي رعيته؛ لما أقامه من أسس العدالة بين الرعية، ولما قام به من تجديد وتوسيع أشهرِ وأول مسجد في العالم الذي أسس على التقوى المسجد النبوي - صلى الله عليه وسلم - =