ورواته ثقات. وعن ابن عباس مرفوعاً:"إن الله تعالى يُنزل على أهل هذا المسجد -يعني: مسجد مكة- في كل يوم وليلة عشرين ومئة رحمة، ستين للطائفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين" أخرجه الطبراني، والحاكم، ورواه البيهقي بإسناد حسن. وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الطوافُ حول البيت صلاة" رواه الترمذي، واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه". وعنه -رضي الله تعالى عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من طاف بالبيت خمسين مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" رواه الترمذي، وقال: حديث غريب، وسئل البخاري عن هذا الحديث، قال: إنما يروى عن ابن عباس قولُه، ورواه عبد الرزاق والفاكهي أيضاً. وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من طاف وصلى ركعتين، كان كعتق رقبة" رواه ابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه". وعنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من طاف بالبيت أسبوعاً، لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى، إلا حط عنه خطيئته، وكتب له بها حسنة، ورفع له بها درجة" رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وابن حبان، واللفظ له. قال بعض الصالحين: رأيت في الطواف غلاماً شاباً نحيفَ الجسم رقيقَ الساقين وهو يبكي ويقول: وأشوقاه لمن يراني ولا أراه!
فقلت: من هو؟ فأنشد:
ولي حبيبٌ بلا كيفٍ ولا شبهٍ ... ولي مقامٌ بلا رَبْعِ ولا خِيَمِ
أتيتُ من دارِ عشقٍ لا أمثلها ... من عندِ مَنْ لم أُطِقْ شرحاً له بفمِ
ثم غشى عليه زماناً، فحركناه فوجدناه قد مات.
وما أحسن قولَ العارف بالله عبدِ الغني النابلسي -رحمه الله تعالى-:
عشقتُ في مكةَ ذات البَها ... يدعونها الكعبةَ باسمٍ صريحْ
وهي كعوبٌ غادةٌ حرةٌ ... كم قلبِ صَبٍّ في هواها جريحْ
محجوبةٌ بالستر عن كلِّ مَنْ ... ينظرها مِنْ أجنبيٍّ قَبيحْ
وإنما ينظرُها محرِمٌ ... فيبصرُ الوجهَ الجميلَ الصَّبيحْ
رأيتُها في مدتي مرةً ... فراح جسمي في هواها طَريحْ