الذي لا يتعلق به فائدةٌ غير الجدال والخصام، وقد أفضى النزاع في ذلك وأشباهه إلى فتن، وتلفيقِ حجج واهية؛ كاستدلال المهلَّب على أفضلية المدينة؛ بأنها هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام، فصار الجميع في صحائف أهلها وبأنها تنفي الخبيث، كما ثبت في الحديث الصحيح.
وأجيب عن الأول: بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة، فالفضل ثابتٌ للفريقين، ولا يلزم من ذلك تفضيلُ إحدى البقعتين على الأخرى.
وعن الثاني: بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ومن الزمان؛ بدليل قوله تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}[التوبة: ١٠١] , والمنافق خبيث بلا شك.
وقد خرج من المدينة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -: معاذ، وأبو عبيدة، وابن مسعود، وطائفة، ثم علي -رضي الله عنه-، وطلحة، والزبير، وعمار، وآخرون، وهم من أطيب الخلق، فدل على أن المراد بالحديث تخصيصُ ناس دون ناس، ووقتٍ دون وقت، على أنه إنما يدل ذلك على أنها فضيلة، لا أنها فاضلة، انتهى كلامه.
وما أحقَّه بالسمع والقبول؛ لأنك إن أردت قحَّ السنة واتباعها، فهي تركُ الخوض في أمثال ذلك [من] الأمور، وبالله التوفيق.