للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت له الكعبة. وابتداء السعي من أصل الجبل كافٍ، وهذه الزيادة مستحبة، لكن بعض تلك الدرج مستحدثة، فينبغي ألا يخلفها وراء ظهره، فلا يكون متمماً للسعي.

وإن ابتدأ من هاهنا، سعى بينه وبين المروة سبعَ مرات، وهما في جانبي جبلي مكة، وعند رقيته في الصفا، ينبغي أن يستقبل البيت بالاتفاق، فيكبِّر ويهلل، ويقول: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحدَه، أنجز وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهزمَ الأحزابَ وحدَه"، ثم يصنع ذلك ثلاث مرات، ويدعو، ويصنع على المروة مثلَ ذلك، رواه مالك عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. ويصلي على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويرفع يديه بالدعاء عند غير المالكية، ويدعو الله -عز وجل- بما شاء من حاجة عقيب هذا الدعاء، ويأتي بما أحبَّ من الأذكار والأدعية.

ويروى: أن الدعاء يُستجاب على الصفا والمروة، وفي المسعى. ثم ينزل ويبتدىء السعي وهو يقول: "ربِّ اغفرْ وارحمْ، وتجاوزْ عما تعلم، إنك أنتَ الأعَزُّ الأكرم، ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، ويمشي هنية حتى ينتهي إلى الميل الأخضر، وهو أولُ ما يلقاه إذا نزل من الصفا، وهو على زاوية المسجد الحرام، فإذا بقي بينه وبين محاذاة الميل ستة أذرع، أخذ في السير السريع، وهو الرمَل حتى ينتهي إلى الميلين الأخضرين، وهو مذهب الثلاثة غير الحنفية، وهذا السعي بين بطن الوادي مستحبٌّ من العَلَم إلى العَلَم عند المالكية، وإن لم يسعَ فيه، بل مشى على هينته، أجزأه باتفاق العلماء، ولا شيء عليه، والمرأة لا تسرع في سعيها باتفاق الأربعة، ولا تصعد على الصفا, ولا على المروة عند الشافعية والحنابلة، وقال المالكية: إنها تصعد إذا كان المكان خالياً، وهو مقتضى كلام الحنفية.

ويستحب للمرأة أن يكون سعيها في الليل؛ لأنه أسترُ وأسلمُ لها ولغيرها من الفتنة. ثم يعود إلى الصفا، ثم إلى المروة، فإذا انتهى إلى المروة، صعِدها كما صعِد الصفا، وأقبل بوجهه على الصفا، ودعا بمثل ذلك الدعاء، وقد حصل

<<  <   >  >>