للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقِسْ عَلَى هذا التَّفاوتِ تَفاوتَه في النُّصوص المنقولة. فتارةً تكون بالنَّصِّ وأُخرى تَكُونُ بالتَّصرّفِ اليسيرِ، وتَارةً ثالثةً بالمعنى.

وكذا تَفَاوتَه في طريقةِ النَّقلِ من تلك المصادر؛ فأحيانًا يُصرِّحُ باسم الكِتابِ واسمِ مؤلِّفه، وأَحْيانًا يَكْتفي بإيرادِ اسمِ الكتابِ دون اسمِ مؤلّفه، أو اسمِ المؤلِّف دُون كتابِه. وأحيانًا أُخرى لا يذكرُ اسمَ الكتابِ ولا اسم مؤلِّفه، وإِنَّما يوردُ ما يدلُّ على أنَّه ينقلُ؛ كقوله: "قِيل"، "كقولهم"، "كقول النُّحاةِ"، "كَمَا ذكرَ أَهْلُ ... "، "يُروى".

وهَا هِي ذي مصادرُ المؤلِّف في كتابِه أَسُوقُها مرتبةً بحسب الوفاة (١):


(١) للمصدر -عند الباحثين- مفهومان؛ أحدهما: الكتاب الّذي اسْتقيت منه المعلومة. وهذا هو المفهوم السّائد عند عامّة الباحثين، وعليه يسيرون في غالب كتاباتهم العلميّة. والتّعامل مع المصدر بهذا المفهوم الخاصّ يسعف بحوثًا خاصّة حُصرت نقولها في مؤلّفات معروفة موجودة يعوّل عليها في النّقل.
أمّا المفهوم الآخر -وهو الّذي سلكته في هذا المبحث وعليه مدقّقو المحقّقين المحدثين- فهو أوسع مِمّا سبق؛ حيث يُراد به الشّخصيّة الّتي استقيت منها المعلومة بأيّ وسيلة كانت؛ سواء كانت كتابة، أو مشافهة، أو بواسطة؛ فالمجال في هذا المفهوم أرحب وأوسع، وهو بتلك الشّموليّة يناسب جميع البحوث العلميّة على اختلاف طبائع نقولها.
هذا، ولا يعني الاعتماد على الشّخصيّة إهمال ذكر الكتاب -كما قد يُظنّ- بل الكتاب طريق من أهمّ الطّرق الموصلة إلى الشّخصيّة إضافة إلى أنّه وعاء المعلومة الموثّقة الّتي لا يمتدّ إليها السّهو أو النّسيان.
ولذا فإنّني آثرت هذا المسلك متعرّضًا في الوقت نفسه للكتاب أو المصدر بالمفهوم الخاصّ؛ ناصًّا عليه متى ما تحقّقت شروطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>