لَمْ يشِر شَمْسُ الدِّين الكرمانيُّ -على غيرِ عَادتِه في بعضِ مقدِّماتِ كُتبِه- إلى المَنْهج الَّذي سَلَكه في تَألِيف كتابِه "تحقيق الفوائد" وبخلافِ ما دَرَج عليه المُصنِّفون في الغَالبِ من تَنْميقِ المقدِّماتِ وتَحْبيرها نَراه عَجِلًا إِلى الالتحامِ بكلامِ شَيخِه الإِيجيّ "صاحبِ المُختصر" فإِنَّك لا تَكادُ تَتَجاوز السَّطرين حتَّى تجدَ نَفْسكَ وجهًا لوجهٍ أَمام الإِيجيّ مُسْلِمًا له العنانَ في رحلةٍ طويلةٍ تبدأ من مبتدأ الكتاب وتنتهى بنهايتِه. وقَدْ تَتَساءلُ كيف يكونُ ذلك ونحنُ أمامَ كتابٍ للكرمانَيّ لا للإيجيّ؟!
وهُنا أقولُ: لقد أظهرَ الكرمانيُّ قدرةً فائقةً في الدَّمج بين كتابِه "تحقيق الفوائد" وكتابِ شيخِه "الفوائد الغياثية" حتَّى صارا كأنهما كتاب واحد؛ وكلُّ ذلك من غيرِ أن يغمطَ شيخَه حَرفًا واحدًا من كتابه. وأسوقُ للدِّلالة على ذلك النَّصَّ التَّالي (١):
"الثَّامنُ: إتباعُ الاستعمال؛ فإنَّه إذا كانَ الاستعمالُ واردًا على الحذف منه أَوْ من أمثالِه ونظائِره -كمَا قال في المفتاح- وقامت القرينَةَ لا بُدَّ من حذفِه؛ كَما في:(نعم الرّجل زيدٌ!)؛ على قولِ من يَرى أَصلَ الكلامِ "نعم الرَّجل هو زيد" وكمَا في: "ضَرْبي زيدًا