على طرف التّمام، وهو: أن كلّ تكرار لا يورث الكراهة، بل الَّذي يورثها تكرار شيء منه بدّ؛ وهو مناف للإلف، وأمّا تكرار شيء لا بدَّ منه؛ كتكرار الشُّبه الضّروريّة عند الطّبيب، فهو غير مناف للإلف؛ بل موجب له".
وبدت -لي- بعد الاستقراء والتّتبّع لكلّ ما هو على شاكلة هذا المثال حقيقتان مهمّتان:
أوّلهما: قرب الكرمانيّ من شيخه الإيجيّ قربًا يجعله أخصّ تلاميذه وأعرفهم بمراده، وأكثرهم إحاطة بآرائه.
ثانيهما: ولاء الكرمانيّ لشيخه وحبّه له، وكأنِّي به لا يجد أدنى مناسبة تستدعي إيراد وجهة نظر لشيخه أَوْ رأي له حتَّى يبادر إليها ويوفيها حقّها.
٦ - اشتمال تحقيق الفوائد على أصحّ نسخ المختصر:
أشرتُ فيما مضى أنّ كتاب الفوائد الغياثيّة مختصر أُعدّ بعناية فائقة ليكون صالحًا للحفظ، وليس بغريب على هذا الكتاب ومثله أن تكثر نسخه. وأن تتعدّد روايته، وأن يطرأ بعض التّغيير على جمله ومفرداته، لانتشاره بين النّاس واعتمادهم في ضبطه أحيانًا على حفظهم وهو يختلف باختلاف القدرات العقليّة.
ومع اختلاف النسخ وكثرتها -الَّتي وجدت في حياة المؤلّف ناهيك عمّا وقع يعدها- نجد الحاجة ملحّة إلى تسخة صحيحة ليست أقلّ من أن تكون كُتبت بخطِّ المؤلّف نفسه، أَوْ قُرأت بين يديه.