للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخدمةِ أَزواجهنَّ، وربَّما اشْتغلن بأعمالٍ تليق بهنَّ كالغزلِ والتَّطريز، ومنهنَّ من سَمت مكانتُها باشْتغالها بالعلمِ والتَّصدِّي للتَّدريس، من مِثْل: زينب (١) بنت الكَمال، الَّتي ذكر ابنُ حجرٍ أنَّها روت كثيرًا، وتزاحمَ ببابها الطّلبةُ يأخذُون عنها العِلم، ويَقْرأون عَليها الكُتبَ الكِبارَ (٢).

٣ - الحالةُ العلميَّة:

يرى كثير من الباحثين أَنَّه على الرُّغم من تلك الأحداث الَّتي دَهمت هذا العَصْر وما لَحِقَه من التَّخْريب فيه أَوْ قبلَه عَلى أَيدي المَغُول والصَّليبيين، وما اكْتنفَه من فتنٍ وثوراتٍ؛ على الرُّغم من ذلك كلِّه فإِنَّهم يرون أَنَّ العُلوم والمعارفَ ظلَّت مُزدهرةً؛ بل كانت غنيَّةً بالنِّتاج الأَدبي، ونجدهم يُعلِّلون ذلك بأسبابٍ عدَّةٍ؛ منها: تشجيعُ بعضِ الملوكِ للعلمِ والعلماء، وحثُّهم عَلى البَحث في شتَّى فروع المعرفة.

وأَجدُني -إِذ أُؤيد ما أَشاروا إِليه من كَثْرةِ النِّتاج وتشجيع بعضِ الملوك العلمَ وأَهله- مُتشكِّكًا في عدمِ تَأثير تلك الأحداثِ العظامِ عَلى حياةِ العلم وتطوُّرِه، ولعلَّ الواقعَ الملموسَ يُصدِّقني في ذلك؛ فالحياةُ العلميَّة -كما هُو مُشَاهد- إِنَّما تَنْمو وتَزْدهرُ في ظلِّ الاسْتقرارِ والأَمن؛ عندما يَنْصرفُ النَّاسُ عن همِّ الجوع والخوفِ إلى همِّ التَّحصيل والدَّرس.


(١) هي زينب بنت أحمد بن عبد الرَّحيم المقدِسيَّة المعروفةُ ببنت الكمال: عالمة، محدِّثة، تزوَّجت العلم وانْقطعت له، حتَّى أشاد بعلمِها غيرُ واحدٍ من العُلماء، منهم: ابنُ حجر، والذَّهبيّ. تُوفِّيت سنة (٧٤٠ هـ).
ينظر في ترجمتها: الدُّرر الكامِنة: (٢/ ١٦٧)، أعلام النّساء: (٢/ ٢٣١).
(٢) ينظر: الدُّرر الكامِنة: (٢/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>