للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلُ الأَوَّل: في التَّشْبيه.

إِنَّمَا قدَّمهُ في الوضع على الأخوات؛ لأنَّ الكنايةَ بالنِّسبةِ إلى المجاز نازلةٌ منْزلةَ المركَّبِ من الفردِ؛ لتوقُّفِ المجازِ على الملزومِ واللَّازمِ فقط، وتوقّفِ الكنايةِ عليهما وعَلَى التَّساوي بينهما، ثمَّ نوعٌ من المجازِ (١) موقوفٌ على معرفة التَّشْبيه (٢)؛ والموقوفُ عليه مُقَدَّمٌ على الموقُوفِ طبعًا (٣).

وعرَّفه شارحُ المفتاح بأَنَّه (٤): "هو الدّلالةُ على اشْتراكِ شيئين فِي وصف هو من أَوْصافِ أحدهما في نفسه". وصاحبُ الإيضاح بأَنَّهُ (٥): "الدّلالةُ على مُشاركةِ أمرٍ لأَمر في معنى". والسَّكاكيُّ وإنْ لم


(١) أراد به: الاستعارة. فإِنَّ معرفتَها متوقِّفة على معرفة التَّشبيه.
(٢) في الأَصل: "النِّسبة". والصَّواب من: أ، ب.
(٣) يوحي هذا التَّقديم بأنّ مبحث التّشبيه مبحث عرضيّ تبعيّ؛ لم يَدْفعْ للتَّعرض له إِلَّا توقّفُ الاستعارة عليه. وفي نفسي شيءٌ من هذا؛ لأن الاختلاف في وضوح الدّلالة -المبني عليه هذا الباب- موجودٌ فيه فهو من الفنِّ أصلًا. وقد أشار الشّارح قبل قليل إلى كونه ركن من "أركان البلاغة؛ بالغًا في تخسين الكلام الدّرجة القصيا" وذلك حينما اعترض على السَّكَّاكيِّ في جعله التَّشبيه فرعًا للاستعارة وأَنَّه بذلك يُخْرج التَّشبيه من المحسّنات، ومن البيان بالذَّات إلى العرضيَّة والتَّبعيَّة، ويؤيّد ما أشرت إليه من كون التّشبيه أصلًا في هذا الباب بعض البلاغيين منهم الطِّيبيّ، في التّبيان: (٣٤١).
(٤) مفتاح المفتاح؛ للشِّيرازيِّ: (٨١٦) بلفظ: "اثنين" بدلًا من "شيئين".
(٥): (٣/ ١٧) بلفظ: "أمر لآخر" بدلًا من: "أمر لأمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>