سبق أَن قدَّمت أنَّ كتابَ تحقيقِ الفوائد ينضوي تحت أَرْوقة المدرسةِ السَّكَّاكيَّةِ ولذا فإِنَّه يستمدُّ قيمته العِلميَّةَ من تلك الأسس المحكمة إلى قامت عليها والمنهج القَويم الذي ترسمته.
ولستُ أعني عندما أعبِّر -هنا- بـ (السَّكاكيَّة) سبق السَّكاكيِّ إلى ذلك المنْهج الَّذي خالفَ به المتقدِّمين ممَّن صنَّفوا كتبًا مُسْتقلّة في البَلاغةِ؛ كعبد القاهرِ الجُرجانيِّ الَّذي صنَّف كتابيه "أسْرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز" أَوْ حتّى كتبًا لا يصدقُ عليها التَّصنيفُ البلاغيُّ تمامًا كتلك التي تضمَّنت كثيرًا من المباحث البلاغيَّة دونما حاجزٍ مانعٍ من دخولِ غيرها من المباحث الأُخرى. من مثل كتاب "الموازنة بين أبي تمام والبحتريّ" لأبي القاسم الآمديّ، وكتاب:"الوساطة بين المتنبّي وخصومه" للجرجانيّ -وإنَّما أعْنِي الارتباطَ الوثيقَ الَّذي يصل كتابَ الشَّيخ الكرمانيِّ "تحقيق الفوائد" بكتابِ شيخ شيخِه أبي يعقوب السّكاكيّ "المفتاح"؛ ذلك الكتاب الذي ذاعَ صيتُه بين النَّاس، ونال شهرةً لم ينلها كثيرٌ من الكتبِ البلاغيَّة الأخرى. فكتابُ الكرمانيِّ -كما سبق- أَنْ ذكرتُ يشرحُ كتابًا آخر شديدَ الصِّلةِ بكتاب السَّكاكيّ؛ هو كتاب "الفوائد الغياثيَّة"؛ ذلكم الكتاب الَّذي اختصر به صاحبُه -بعنايةٍ فائقةٍ- "مفتاح العلوم" للسَّكاكيّ.