وكنَّا ننتظرُ -والحالُ ما تقدَّم- أَن نجدَ أثرَ هذه العناية ظاهرًا في كتَابه "تحقيق الفَوائد"، لكنَّ الواقع خَالفَ ذلك؛ فالَّذي بين دَفَّتي الكَتابِ من الأَحاديث والآثار لا يَتجاوزُ تسعةَ شواهد! فما سرُّ ذلك؟!.
يَبْدو لي -والله أَعلم- أَنَّ عنايةَ شمسِ الدِّين الكرمانيِّ بالحديثِ اسْتجدّت بعدَ تَأْليفه "تحقيق الفوائد"، ويَشْهد لذلك تَأْخُّر رحلتِه في طلبِ علمِ الحديث، ومن ثمَّ تأخُّر تَأليفِه فيه وقد تقدَّم معنا أَنَّه كَمَّلَ الكواكبَ الدَّراريَّ بمكَّةَ المكرَّمة سنة خمس وسبعين بعد السَّبعمائة؛ حين مجاورتِه بها قبالةَ الرُّكنين اليَمانِيّين.
كمَا أنَّ طبيعةَ الدَّرسِ البَلاغيِّ الَّذي تَرَعْرَعَ في ظلِّ الإِعجاز القُرآنيِّ من جهة، والدِّراسات الأَدبيّة من جهةٍ أُخرى جعلَ شواهدَه -في الغالبِ الأَعم- تؤول إليهما وتدورُ في فلكهما، والمُتَأخِّرون -كما هُو معلومٌ- عيالٌ على المُتقدِّمين، وهو ما نُفسِّر به كثرةَ الشَّواهدِ القرآنيّةِ والشَّواهد الشِّعريّة وقفة ما عداها من الشَّواهد الأُخرى.