للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - شاهدٌ نُسب، وسُبق بما يدلُّ على أنَّه شاهدٌ، وبيَّن مَعْناه، وشُرح غَريبُه، واستُشْهد به عَلَى موضع بَلاغيٍّ؛ كقوله (١): "ومن هَذَا القبيلِ وضْعُ الحاضرِ موضع الماضِي لإيهامِ المشاهدَة؛ مشاهدة تلك الحالةِ واسْتِحضارها في ذهنِ المُخاطب .. كَمَا فعلَ تأبَّط شرًّا في قولِه:

بأَنِّي قَدْ لَقيتُ الغُولَ تَهْوي ... بسَهْبٍ كالصَّحيفة صَحْصَحان

فَأضْرِبُها بلا دهَشٍ فَخرَّت ... صَرِيعًا لليدينِ وللجِرانِ

وكانَ مقتضَى الظَّاهرِ: "فضَربتُها"، لكنَّه عدلَ إلى الحاضر قَصْدًا أن يصوِّر لقومه الحالةَ الَّتي تَشجَّع فِيها بضربِ الغُول كأنَّه يُبصرهم إِيّاها -أي: تلكَ الحالة- ويُطلعهم عَلَى كُنْهها، ويَتَطلَّبُ مِنْهم مُشاهدَتَها؛ تَعْجيبًا من جُرْأَته علَى كُلِّ هَوْل، وثبَاته عندَ كلِّ شدَّةٍ.

والسَّهبُ -بالسِّين والصّاد المهملتَين-: الفَلاةُ.

والصَّحصحانُ: المُستوي؛ أي بفلاةٍ كالقِرطاس مُسْتَوية.

لليَدين: أَيْ عَلَى اليَدين.

والجِرَانُ: مقَدَّم عنق البَعير من مذبحه إِلى مَنْحرِه".

وقِس على هذين الشَّاهدين المتنافيين شواهدَ شعريَّة أخرى اتّفقت أَوْ أَخذَت صُورًا مُتنوّعةً من النّفي والإِثْباتِ.


(١) ص: (٤١٢ - ٤١٣) قسم التَّحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>