للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الفهم موقوف على العلم بوفع اللَّفظ له، أي: للمعنى الَّذي هو مفادٌ من اللَّفظ وذلك، أي: العلم بالوضع إنَّما يكون بعد تصوّره ذلك المعنى، وتميّزه عنده عمَّا عداه، لكنه لا يلاحظ في اللفظ أنه معيّن.

والحاصل: أنّ الخطاب لا يكون إلّا بما يكون معلومًا للمخاطب ومتصوّرًا له، سواءٌ كان اللَّفظ نكرة أو معرفة، لكن الفرق: أنّ في لفظ المعرفة إشارة إلى أنَّه يعرفه السّامع دون المنكر؛ فإذا قلت: ضرب الرّجل؛ فكأنَّك قلت: ضرب الرّجل الَّذي تعرفه؛ ففي اللَّفظ إشارة إلى أنَّه يعرفه بخلاف النّكرة".

وظاهرٌ أنّ ما في التّنبيه تكميلٌ مهمٌّ للمبحث البلاغيّ المعقود، بتحديد مصطلحين رئيسين وردا فيه يحوّل القصور في معرفة المراد بكلّ واحد منهما بدقّة دون الفهم المنشود؛ بل ربّما أدّى إلى الوقوع في خلافه؛ ممّا يتنافى مع أسس البلاغة كأن يسبق إلى الفهم من "التّعريف" مجرّد التعيّن لمعنى اللَّفظة المعرفة من غير ملاحظة تعينها بخصوص معيّن في ذهن السّامع وارتباط مدلولها -سلفًا- به. وكذا التّنكرِ بأن يسبق إلى الفهم منه مطلق النّكرة، أي: عدم العلم بمعنى اللَّفظة المنكرة أصلًا، الأمر الَّذي يؤول بالمتكلّم إلى مخاطبة السّامع بما لا يعلمه.

أمّا ما يتعلّق بالفوائد الواردة في شرح الكرمانيّ فهي الكثرة الكاثرة وإن لم ينصّ عليها إلّا في النّادر كقوله (١): "وهَا هُنا فائدةٌ جليلةٌ لا بدَّ من ذكرها؛ وهي: أنَّ اللَّفظ قد يُوضعُ وضعًا عامًّا لموضوع له عامّ؛ كـ (رجل)


(١) ص (٢٨٤ - ٢٨٥) قسم التّحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>