هذا؛ وقد ظهر لي أنّ الكرمانيّ -رحمه الله- ينشد الحقَّ بعيدًا عن التّعصّب والهوى، ومتى تجلّى الحقُّ أمامه بدليله ذكره وإن أدّى ذلك إلى مخالفته القول السّائد الَّذي عليه أرباب الفنّ، أَوْ عليه شيخه "الإيجيّ" غير أنَّه لا يهمل وجهات نظر الآخرين أَوْ آراءهم. ولا يتعرّض لها بشيء من النّقد الجارح. وإنّما يقدّمها على رأيه ويوفيها حقّها من البسط والإيضاح ثمّ يعقّب -في النّهاية- عليها برأيه، وأسوق للدّلالة على هذا المثال الآتي (١):
وإنّما قال:(يقبح) ولم يقل: (يمتنع) لأنّه وإن احتمل التّقديم المنافي؛ كذلك يحتمل عدم التّقديم، وإن كان مرجوحًا بالنّسبة إلى احتمال التّقديم؛ وذلك بأن يقدّر: عرفت آخر قبل زيد، أَوْ تجعل مفعول (عرفت) المذكور محذوفًا، والتّقدير:(هل عرفت زيدًا عرفته).
بخلاف عرفته؛ أي: بخلاف (زيدًا عرفته) فإّنه لا يَقْبُح؛ لأن زيدًا لا يحتمل التّقديم؛ لأنّ (عرفته) قد أخذ مفعوله، وإذ لم يحتمل التّقدىم لا يستدعي ثبوت التّصديق بنفس الفعل؛ فلا ينافي (هل).
وهذا على ما هو كذلك لفظ المختصر وأصله، وعلى ما شرحه الشّارح للأصل؛ لكن الحقّ: أن (زيدًا عرفته) -أيضًا- يحتمل التّقديم؛ بأن