للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيدٍ -مثلًا- ما يُرادُ الحُكْم عليه، ونَفْي شكِّ ثبوت الآخر لَه (١) عنه؛ فتقولُ لمن يعرفُ زيدًا بعينه وباسمه، لكن لا يعرف أنَّه أخُوه، وهو كالطَّالب حكمًا له، وكان معتقدًا أنَّ له أخًا لكن لا يعلمُه على التَّعيين: "زيدٌ أخوكَ"، على ما يتصوَّرُه من السَّامعِ من كونه طالِبًا للحُكْمِ على زيدٍ، وكذا عكسه؛ تقول لمن يعتقد أنَّ أخًا لنفسه؛ لكن لا يعرفه على التَّعيين، وهو كالطَّالب منك الحُكم على أخيه بالتَّعين: "أخوك زيدٌ"، فيورد الحكم على ما يتصوَّره من السَّامع.

وبهذا يُعلم الفرْقُ بين "زيد أخوك" و "أخوك زيد" (٢)؛ فظهر الفرْقُ بهذا بين العبارتين فإنّه لأيّ شيء في الأوَّل، الحكم على زيد بالأَخ، وفي الثَّاني بالعكس. ويُعرفُ معنى قول النُّحاة: "المقدَّمُ من المعرفتين هو المبتدأ" (٣)؛ لأنَّك تجعل المشكُوك في ثبوته للآخر (٤) مُسندًا فتُؤخّره، والآخر مُسندًا إليه فتُقَدِّمه (٥)، معَ أنَّه؛ [أي: مع أنَّ الخبر


(١) في أزيادة: "ونفيه" والسِّياق مستقيم بدونها؛ إذ المراد نفي الشّكّ الثّابت للآخر عنه.
(٢) هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "بين (أخوك زيد)، (وزيد أخوك) ".
(٣) ينظر على سبيل المثال: شرح ابن عقيل: (١/ ٢١٧)، مغني اللّبيب: (٥٨٩).
(٤) في الأصل: "الآخر" وهو تحريف بالنَّقص، والصَّواب من: أ، ب.
(٥) يوحي قول المصنِّف: "ويعرف معنى ... " وتعقيب الشَّارح بعده بقوله: "لأنّك تجعل ... فتقدّمه"؛ يوحي باتّفاق البلاغيّين والنّحاة على العلَّة الموجبة للتّقديم.
والحقُّ أنّها مثار اختلاف بينهما؛ فالبلاغيّون يعلّلون بمطابقة الكلام لمقتضى الحال، والنَّحويّون يعلّلون بأمور لفطة؛ منها؛ دفع الالتباس. فالنّتيجة وإن اتّحدت إلا أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>