للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (ما) لنفي المذكور وفاقًا؛ فتعيّن عكسه (١) وهو معنى القصْر (٢).

وقال الرّبعيّ: إنها قولُ من لا خبرةَ له بالنّحو (٣)؛ لأنّها لو كانت نافيةً لَاقتضت التَّصدُّر، ولاجتمع حرفُ النّفي والإثبات بلا فاصلةٍ، ولجازَ نصبُ (إنّما زيدٌ قامٌ)؛ لأنَّ الحرفَ -وإن زيدَ- يعملُ، ولكانَ مع: (إنّما زيدٌ قائمٌ) يحقِّقُ عدمَ قيام زيدٍ، لأنَّ ما يلي "ما" النَّفي منفيٌّ؛ لكنَّ التّوالي الأربعةَ باطلةٌ؛ بل الوجهُ أنَّها مُؤكّدة -كما مرَّ.

وقال الأستاذُ -نصرةً للإمام-: مرادُه: أنَّ كلمةَ (إنّما) هكذا؛ للحصرِ كسائر الكلماتِ المركّبةِ الموضوعةِ لمعنًى، لا أن لفظة (إِنَّ) ولفظة (ما) رُكِّبتا وبَقَيتا على أصلهما، حتَّى لا يرد عليه الاعتراضات؛ وما ذكره هو بيانُ وجهِ المناسبة، ولئلّا يلزم النّقل الَّذي هو خِلاف الأصلِ (٤).


(١) وهو أَنَّ (إنّ) لإثبات المذكور و (ما) لنفي غير المذكور.
(٢) ينظر: المحصول في علم الأصول؛ لفخر الدّين الرّازي: (١/ ٢١١ - ٢١٢).
(٣) يبدو أنّ الشَّارح العلَّامة -رحمه الله- وهِمَ في هذا الموضع، حيث نسب إلى الرّبعي ما لم يقله. فحملة: "إنَّها قول من لا خبرة له بالنّحو" ليست من كلام الربعي؛ بل هي من كلام الإيجيّ تابع فيها السَّكاكيّ، الّذي عبّر عنها بقوله (المفتاح: ٢٩١): "على ما يظنّه من لا وقوف له بعلم النّحو، يعني بذلك الإمام الرّازيّ -رحمه الله -كما أبان شرّاح المفتاح (ينظر: شرح الشّيرازيّ: ٦٨٩، وشرح الجرجانيّ: ٥١١) فهو صاحب القول المعترض عليه -كما نصّ على ذلك الشّارح - والربعيُّ تقدّم على الفخر الرّازي؛ فكيف يعترض متقدِّمٌ على متأخِّر؟!. ثم لم تنقل كتب النّحو أنّ أحدًّا قال بقول الرّازيّ ممَن يسبق الرَبعيّ حتّى يوجّه قوله إليه. والله أعلم.
(٤) لم أقف على كلامه في أيٍّ من مؤلّفاته -الّتي بين يديّ- ولعلّه ممّا نقله تلميذه عنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>