للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا" العاطِفة؛ تقولُ: (ما جاءني غيرُ زيدٍ)؛ إمَّا إفرادًا (١)، أو قلبًا (٢)، ولا تقول: (ما جاءني غيرُ زيدٍ لا عمرو) ".

بخلاف (إِنَّما)؛ فإنّها تجتمع (٣) مع الأوّل؛ وإن كان -لكونِه (٤) في معنى الثَّاني- مُقْتَضيًا أن لا تجتمع معه؛ لأنَّ النَّفي فيها ضمنيٌّ لا صَريحٌ (٥)؛ كما يجوزُ أن يقال: (امتنعَ عن المجيء زيدٌ لا عمرو) مع عدم جوازِ أن يقال: (ما جاء زيدٌ لا عمرو)؛ لأنّ النَّفي فيه -أيضًا- ضمنيٌّ.

وأمّا جوازُ اجتماع التَّقديمِ مع الأوّلِ فظاهرٌ.

وهذا إذا لَمْ يكن المذكورُ بعده مُخْتصًا؛ أي: جواز اجتماع (إنّما) مع الأوَّلِ إذا لم يكن الوصفُ المذكورُ بعد (إنّما) ممّا له في نفسه اختصاصٌ بالموصوف المذكور (٦)؛ كقوله -تعالى-: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} (٧)؛ فإنَّ كلَّ عاقلٍ يعلمُ أنَّ الاستجابةَ


(١) لمن يقول: جاء زيد مع جاءٍ آخر. المفتاح: (٣٠٠).
(٢) لمن يقول: ما جاء زيد وإنّما جاء مكانه إنسان آخر. المصدر السّابق (٣٠٠).
(٣) في الأَصل: "تجامع"، والمثبت من أ، ب؛ لأنّ كلمة (تجامع) تتعدّى بنفسها.
(٤) في أ: "كونه".
(٥) فتقول: "إنما أنا تميميّ لا قيسيّ".
(٦) لأنّ الاختصاصَ يَدفعُ تصوّر الشّركة؛ فلا حاجة في نفيها؛ لعدم تصوّرها أصلًا.
(٧) سورة الأنعام؛ من الآية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>