للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسببِ تَجْريدِها إِيَّاها، أي: حذفها التَّعيّناتِ والتَّشَخّصاتِ الخارجيّةِ عن الحسِّيَّاتِ؛ فلها زيادةُ تعلُّقٍ بها، هذا على مذهب مَنْ يقولُ: النَّفسُ لا تُدْرِك الجُزْئيّات؛ بل المشتركَ المنتزعَ عنها التَّشَخُّصات (١).

ولوَ قُلْنا: بأَن مُدْرِكَ الكُلِّيَّات وَالجُزئيّاتِ هو النَّفسُ -كما هو مذهبُ الحكيم-؛ لكنَّها تُدْرِكُ الكليَّات بذاتها، وهي المُسَمَّاةُ بالعقلِيَّات، والجزئيَّاتِ بالآلاتِ، أي: بواسطةِ الحواسِّ؛ وهي المسمَّاةُ: بالحسِّيَّاتِ، لَمَّا كان مَيْلُها إلى إحداهما أتم منه إلى الأخرى؛ ولهذا قال: "ميلُ النّفسِ إلى الحسِّيَّات أتمّ بناءً على أنَّها ... " إلى آخره.

ولإِلْفِها، عطفٌ على قوله "بناءً"، أي: مَيْلُها إليها أتمُّ لزيادةِ إِلْفِها (٢)، أَيْ (٣): إِلف النَّفسِ بها، بالحسِّيّاتِ؛ لكثرةِ وُرُودها، أي: الحسِّيَّات بِحَسَبِ جِنْسها عليها (٤)، لاختلافِ الطُّرق، طُرُقِ الوُرُود، أَعْني: الحواسَّ المُختلفةَ المؤدِّية لها، بخلافِ العقليّاتِ؛ فإن طريقها واحدٌ.

السادسةُ: النفسُ لما تعرفُ أَقْبلُ مِنها لما لا تعرف، لمحبَّةِ النَّفسِ العِلْم طبعًا؛ ولهذا أكثرَ النُّاسِ يُقبلون على استماع الحكاياتِ، ولا


(١) يعني بذلك السَّكاكيَّ؛ حيث قال (المفتاح: ٣٥٠): "وأَعْنِي بالحِسِّيَّات ما تجرده منها بناءً على امتناع النَّفسِ من إِداركِ الجُزْئيَّات".
(٢) كلمة: "إلفها" ساقطة من ب.
(٣) في الأَصل: "إلى" ولا يستقيم به السّياق. والصَّواب ما أَثبتّه، وعليه لفظ مفتاح المفتاح. والحرف ساقطة من أ، ب.
(٤) أي: على النّفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>