للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبُعدُه؛ أي: بُعدُ التَّشبيه وعدمُ سُقُوطِه؛ أي: غرابتُه وحُسنه.

بحلافه؛ أي: ما ذكرنا في قُرْبه بأَنْ لا يكونَ واحدًا بل كثيرًا (١)؛ إِمَّا في حُكمِ الواحدِ أَوْ لا، أَوْ (٢) لا يكونُ المشبّهُ به مُجَانسًا ومُشَابِهًا للمُشَبّهِ (٣)، أَوْ لا يَكُون كثيرَ الحضورِ مَشْهورًا؛ كقوله (٤):

نَارِنجُها بين الغُصُون كأَنَّها ... شُمُوسُ عَقيقٍ (٥) في سَمَاءِ زَبَرْجدِ

فإنّه شبَّه النَّارنجَ -في الهيئةِ الحاصلةِ من اجْتَماع صورٍ حُمْرٍ وخُضْرٍ- بشُمُوسِ عقيقٍ في حماءِ زَبَرْجَدٍ؛ وهي لَيْست مُجَانسةً ولا قريبةَ المناسبة للمشبَّهِ، مع أَنَّها نادرةُ الحضور؛ ولهذا جاء تَشْبيهًا نادرًا في غايةِ الحُسنِ والبُعدِ.

وكُلَّما كان التَّركيبُ، أي: في وجه الشَّبهِ أكثرَ فهو؛ أي: التَّشبيه (٦) أَغْرب؛ كما أَنَّه إذا كان المُشَبّهُ به أَبعد من التَّجانُسِ والتَّناسبِ


(١) كما مرَّ؛ من تشبيه سِقط النَّار بعين الدِّيك، وتشبيه الثُّريّا بعنقود الكرم المنوّر.
(٢) في أ: بالعطف بالواو بدلًا من "أو".
(٣) في أ: تقدّم الشبّه على المشبّه به. والأَوْلَى ما ورد في الأَصل لسبق تعيين الشبّه به.
(٤) البيت من الطويل، وقائله ابن رشيق القيروانِيّ، وهو في ديوانه: (٦٠) برواية: "كأنّه نجوم".
(٥) العقيق: خرز أحمر يُتَّخذ منه الفصوص. اللِّسان: (عقق): (١٠/ ٢٦٠).
وقوله: "شموس عقيق" من التَّشبيه البليغ لا من الاستعارة للتَّصريح بالطرّفين. وكذا ما بعده؛ وهو قوله: "سماء زبرجد".
(٦) في أ: "الشَّبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>