للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: أرادَ نداء ربِّه بقرينة: {فَقَال}، فإن قوله: {رَبِّ} هو النِّداءُ؛ فلو لَمْ يُحمل على (أراد) لزِم تأخُّرُ الشَّيءِ عن نفسه.

وقوله: {وَكَم مِّن قَريةٍ أَهْلَكْنَاها فَجَآَءها بَأْسُنَا} (١)؛ أي: الإهلاك؛ أي: أردنا إهلاكها؛ وإلَّا يلزمُ تأخيرُ الإهلاك (٢) عن الإِهْلاك (٣).

وقوله -تعالى-: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} (٤)؛ أي: ما دعاك إلى أن لا تسجُد؛ لأَن الصَّارفَ عن الشَّيءِ داعٍ إلى تَركهِ، فمشتركان في كونهما من أسبابِ عدمِ الفعل، فتكون (لا) على هذا الوجه غيرَ زائدةٍ؛ كما قال في الكَشَّاف: إِنَّها زائدةٌ (٥).

وقال الأُسْتاذُ: الحملُ على أن التَّقديرَ: ما منعك في أن لا تسجد؛


(١) سورة الأعراف؛ من الآية: ٤.
(٢) المدلول عليه بقوله: {أهْلَكنَاها}.
(٣) في الأَصل: "الهلاك" والمثبت من أ، ب. وهو الأَولى حتَّى لا يتصوّر التغاير بينهما.
وهذا الإهلاك هو المدلول عليه بقوله: {فَجَآءها بَأسُنَا}.
على أن طاش كبرى زاده أورد للآيتين الأخيرتين توجيهات أخر؛ تخرجهما من باب المجاز؛ قال (شرح الفوائد الغياثية / ٢٢٧): "ويمكن أن تكون الفاء في الآيتين لمجرد التَّرتيب في الذكر؛ فحينئذ لا مجاز فيهما، ونظائر هذه كتيرة في القرآن، وكذا يصحّ أن يكون الإتيان من ذكر تفصيل الشَّيء بعد إجماله، ومن إطلاق المسيَّب وإرادة السَّبب".
(٤) سورة الأعراف؛ من الآية: ١٢.
(٥) ينظر: الكشّاف: (٢/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>