للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - إشكال يتعلق بالوكالة:

باستقراء أحكام الوكالة عند العلماء، نجدُ أن الوكيلَ مطالب بالعمل لتحقيق مصلحة موكله، فإذا عمل بما يضرُّه فعلى الوكيل الضمان، يقول ابن قُدامة: "وإن باع بأقل من ثمن المثل. . . أو باع بدون ما قدره له، فحكمه حكم من لم

يؤذن له في البيع والشراء. . . وعن أحمد: أن البيع جائز، ويضمن الوكيل النقص" (١).

ويقول البهوتيُّ: "وإن باع هو أي وكيل ومضارب بدون ثمن المثل. . . أو باع بأنقص مما قدّره له الموكل، أو ربّ المال، صحَّ البيع. . . وضمنا" (٢). ومن يطلع على أحكام الوكالة يجد الكثير من الأحكام التي تفيد أن مقصود عقد الوكالة هو العمل لمصلحة الموكل، ولذلك منع الفقهاء الوكالة إذا كانت التهمةُ تلحق الوكيل كأن يبيعَ الوكيل لنفسه، أو لولده (٣).

والمُتَوَرِّق في عملية التَّورُّق المصرفي بعد شرائه السِّلعة، يقومُ بتوكيل البنك في بيعها بأقل من الثمن الذي اشتراها به، وفي هذا خسارة على المُتَوَرِّق، فالبنك هنا يعمل لتحقيق مصلحة نفسه، ولا يعملُ لتحقيق مصلحة موكله؛ لأنه

يبيع السِّلعة ابتداءً على العميل بربح، ثم يكون وكيلًا عن المُتَوَرِّق ليبيع السِّلعة بخسارة، وهذا أمرٌ معروفٌ لا بُدَّ منه في عمليات التَّورُّق المصرفي، فصار بهذا العرف كأنه مشروط، بمعنى أن البنك كأنه يشترطُ على العميل بأن يبيعه السِّلعة بربح، ثمَّ يكون وكيلًا ليبيع السِّلعة بخسارة، وهذا إشكال قويٌّ في عقد الوكالة، الذي يكون في عمليات التَّورُّق المصرفي.


(١) المغني (٥/ ٧٨).
(٢) كشاف القناع (٣/ ٤٧٣).
(٣) انظر: المرجع السابق (٣/ ٤٧٣).

<<  <   >  >>