وحكى الفخر في تأويل (وتقلبك) غير ذلك، مما أودعته في مؤلف آخر قال: وكلها محتملة، والروايات وردت بالكل، ولا منافاة بينها، فوجب حملها على الكل ثم رجح أولها، وهو الذي اقتصرنا على حكايته بالحديث، والآية.
قلت: لكن تخصيص ابن عباس بما تقدم يخدش في عمومه مع شواهده الصحيحة ومحبتنا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه.
ولقد بلغنا عن بعض أئمة المغاربة المعاصرين لنا، أنه كان إذا ذكر أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، واستحضر قيامه مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومزيد شفقته عليه، وحنوه يقول: إنه سيد، ويكثر البكاء والنحيب، ويقول: يا رب أسألك من فضلك، وجزيل عطائك أن تمن علي بأن أكون فداء له، أو نحو هذا مما الحامل له عليه حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الله عز وجل أعلم وأرأف، وأرحم، والوقوف مع النصوص الصريحة أحكم، وترك الخوض فيما لا يضطر إليه أسلم. ولذا كان الأولى عندي عدم إشاعة الكلام في ذلك، وترك الخوض فيه، إلا إن دعت الضرورة إليه، كما اتفق في سبب الاستفتاء لاستلزامه أحد أمرين، تصحيح البطال أو رد الصحيح الصريح، ولسنا مكلفين لزائد على هذا، ولذا لم يتكلم المنذري في حاشية السنن، ولا الخطابي في معالمه فيه.
وأما أبو داود صاحب السنن، فعنده بدل "ما دخلت الجنة حتى يراها جد أبيك" فذكر تشديدًا عظيمًا وقال السهيلي عقب الحديث الأول: وليس لا أننقول نحن هذا في أبويه صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوا