السلام} فهو - والله أعلم - أن يراد به طرق الجنة؛ لأن من اتبع رضوانه فقد أوتي الهداية التي هي الاستدلال، فقد هدي إلى صراط مستقيم، فتكون الهداية في هذه الآية مثل الذي في قوله {والذين قتلوا في سبيل الله فلن يَضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم} في أنه ليس بهداية الاستدلال، ولكنه الهداية إلى طرق الجنة للثواب. وقوله {سبل السلام} يجوز أن يكون على حذف المضاف، كأنه: سبل دار السلام، كما قال {فهم دار السلام عند ربهم}. ويجوز {سبل السلام}: طرق السلام التي يسلم سالكها من أن يعذب أو يعاقب. ويجوز أن يكون {السلام} اسم الله تعالى كما جاء {سبيل الله} و {صراط الله}، فإذا كان على هذا الوجه بعد أن يكون المراد به الطريق الذي هو ممر؛ لأن هذا التقييد قد صار فيه كالأمارة للإيضاح، ويكون المعنى حينئذ كقوله تعالى {والذين اهتدوا زادهم هدىً}.
وكما قالوا للغريب "ابن سبيل" فنسبوه إلى الطريق، قالوا فيه "ابن أرض"؛ لأن الطريق ضرب منها، وأنشد أبو زيد:
(دعاني ابن أرضٍ يبتغي الزاد بعدما ... ترامى حلاماتٌ به وأجارد)