الابتداء في الموضع الذي ذكرنا لا يوصف. وعلى هذا أيضاً قال:"كأنك قلت: البُر أرخص أحواله" ليبين أنه مبتدأ ثان لا خبر؛ ألا ترى أن من قال "زيد أحسن ما يكون"، فجعله خبر المبتدأ، لم يقل "زيد أحسن أحواله"؛ لأن الاتساع على هذا وقع، كما أن معنى التعجب إنما وقع في قولك "ما أحسن عبد الله"، ولم يستقم "شيءٌ أحسن عبد الله"، وإن تقارب المعنيان.
فإن قلت: لم لا يكون قوله "التي يكون عليها" صفة لـ"أرخص" دون الأحوال؟
قيل: لأن "أرخص" مذكر، فلو كانت الصفة له لوجب أن يكون مذكراً، ولا تحمله على "ذهبت بعض أصابعه"؛ لأن القصد فيه أن يُعلم أنه إذا وصف لم يكن الذي يقع خبراً للمتبدأ في نحو "زيدٌ أحسن ما يكون".
قال:"ومن ذلك هذا البيت، يُنشد على أوجه، بعضهم يقول:
الحرب أول ما تكن فتيةٌ ... .....................
أي: الحرب أولها فتيةٌ، ولكنه أنث الأول كما تقول: ذهبت بعض أصابعه". هذا مثل قوله:"البُر أرخص ما يكون قفيزان"، وأنت الأول