للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البر: مبتدأ، وأرخص ما يكون: مبتدأ ثان، فيه ذكره عائد على الأول. وقفيزان: خبر المبتدأ الثاني، و"أرخص ما يكون" في هذه المواضع على ما ينبغي أن يكون عليه في القياس، وليس هو على حد قولك "مررت برجلٍ خير ما يكون خيرٍ منك خير ما تكون"؛ ألا ترى أن الموصوف في هذا الموضع بمنزلة الحدث. وكذلك في قولك "أخطب ما يكون عبد الله قائماً". وليس في قولك "البُر أرخص ما يكون قفيزان" كذلك؛ لأنه في هذا الموضع بمنزلة قولك "زيدٌ أحسن أحواله القيام"، فـ"أحسن" في قولك "أحسن أحواله" عبارة عن حال من أحوال هي أحداها، و"القيام" هو هي في المعنى.

فإن قلت: إن خبر المبتدأ إذا كان مفرداً كان الأول في المعنى، وليس القفيزان بالأرخص في المعنى؛ لأن الأرخص يراد به الحدث، والقفيزان عبارة عن العين المكيل به، والعين لا تكون الحدث!

فالقول: إن المضاف محذوف، والتقدير: أرخص أحواله بيع قفيزين، أو تسعير قفيزين، فأقيم المضاف إليه مقامه لكثرة ذلك في كلامهم والعلم بالمعنى؛ الا ترى أنهم قد حذفوا منه الثمن الذي هو "بدرهم" أو "بدينار" ونحو ذلك لهذا المعنى، فكما حذفوا هذا الذي ذكرت البتة، كما حذفوا من قولهم "الكُرُّ بستين"، كذلك أقاموا المضاف إليه مقام المضاف في قولهم "أرخص ما يكون قفيزان" والتقدير ما تقدم. وقوله "البر أرخص أحواله التي يكون عليها" إنما وصف الأحوال التي يكون عليها؛ ليعلم بذلك أن القفيزين خبر المبتدأ، وأنه ليس من كلام آخر ولا جملة أخرى، وليس على حد قولك "أخطب ما يكون زيدٌ أحسن ما يكون" إذا جعلتهما خبرين لما قبلهما من المبتدأ، فأراد أن يعلم أن "أرخص ما يكون" في قولك "البُر أرخص ما يكون" مبتدأ ثانٍ، وليس بخبر ابتداء؛ لأن "أرخص ما يكون ونحوه إذا كان خبر

<<  <   >  >>