بدلالة أنه قال {حتى أبلغ}، ومحال حتى يبلغ هذا المكان وهو لم يبرح من مكانه، فإذا لم يخلُ "لا أبرح" من أحد معنيين في الآية، البراح من المكان، أو بمعنى "لا أزال"، ولم يخلُ حمله على "البراح" من المكان لما ذكرنا، ثبت أنه بمعنى "لا أزال"، فالمعنى: لا أزال حتى أبلغ، و "برِح" مثل "زال" في أنه استعمل مقتصراً به على الفاعل، ثم نقل إلى حيز الأفعال التي لا يستغنى بفاعليها كـ "كان"، وذلك نحو ما أريتك في الآية، ونحو قوله:
فقلت: يمين الله أبرحُ قاعِداً ... ولو ضربوا رأسي لديك وأوصالي
وكأن الكلمة تدل في الآية على معنى المجاورة، ومن ثم قال:
أي: جاوزت ما يكون عليه أمثالُك في الخِلال المرضية.
وأما قول الأعشى:
هذا النهار بدا لها من همها ... ما بالُها بالليل زال زوالُها
فإن محمد بن السري -رحمه الله- روى عن أبي العباس: يقال: "زلتُ الشيء وأزلته". فهذا على هذا القول دعا عليها، كأنه قال: زال الله زوالها، كما تقول: أزال الله زوالها، هذا قول البصريين والكوفيين. وقال أبو عثمان: "ارتحلت بالنهار، وأتاه طيفها بالليل، فقال: ما بالُها بالليل زال