فإن قلت: إن ما وقع "إلا" فيه في غير موضعها إنما أُخر ومعناه التقديم، كقوله {إن نظن إلا ظناً}، [و]:
......................... ... وما اغتره الشيب إلا اغترارا
قيل: إذاً جاز التقديم لأنه مثله في أنه واقع في غير موضعه.
ومعنى "إلا مُناخةً على الخسف" قال محمد بن يزيد: يقال: شرب فلانٌ الماء على الخسف، تأويله: أنه لا ثُفل في معدته، فالماء يهوي إلى قرارها. وقالوا في هذا المعنى: هو شَرِبَ الماء بارداً. وفي دعاء بعضهم: إن كُنتَ كاذباً فحلبت قاعِداً، وشربت بارِداً.
وقد قال بعض البغداديين فيه قولاً آخر، وهو أن يكون "تنفك" مضارع "فككته"، ومعنى "لا تنفك" أنها بعضها متصلة ببعض، إما بأن تقطر، أو بأن تصطحب للساري في السير، فـ "تنفك" بمنزلة "تنفصل"، كأنه قال: لا تنفصل إلا أن تُناخ على الخسف أو نرمي بها بلداً قفراً على غير الاستعمال لهن في السير، كما أن المعنى في الوجه الثاني: أنها لا تنفك على الخسف إلا أن تُناخ فتترك سيرها.
وقد قيل: إن بعضهم أنشد: "لا تنفك ألا مُناخةً"، والآل: الشخص، وجعله خبر "تنفك".