المطردة على القياس المستمر، والسماع الشائع في كلامهم، لم يكن لأحد أن يجيز الرفع في "ليس زيد إلا قائم" على حد "ما زيد إلا قائم" على أن يكون الكلام من جملة واحدة.
فأما حمل "الطيب" في قولهم "ليس الطيب" على أنه بمنزلة ما لا ألف ولام فيه؛ فإن لام المعرفة تكون على أربعة أضرب: أحدها أن تكون تعريفاً للجنس. والآخر أن تكون تعريفاً للواحد من الجنس. والثالث أن تكون تعريفاً للإشارة إلى حاضر. والرابع أن تكون زيادة.
فأما تعريفها للجنس فكقولنا "الملكُ أفضلُ أم الإنسانُ"؟ و "أهلك الناس الدينار والدرهم"، وفي التنزيل {إن الإنسان خلق هلوعاً}، ثم قال {إلا المصلين}، فدل استثناء الجماعة منه على أن المراد به الكثرة والعموم؛ لامتناع استثناء الجماعة من الواحد.
وهذه الإشارة في أسماء الأجناس إنما هي إلى ما في عقول الناس وأفهامهم من معرفة الجنس، وليس على حد الإشارة إلى الواحد من الجنس الذي عرف حساً، كقولي "الرجُل" وأنا أعني واحداً بعينه مخصوصاً بعهد لنا به؛ ألا ترى أن جميع الجنس لا يعلمه أحد من الناس من هذا الوجه، كما يعلم من هذه الجهة الواحد من الجنس. فإذا كان كذلك تبين أن الجنس لم يعلم من حيث عُلمت الآحاد منه.