فأما "الكتاب" فهو مصدر قولك "كتبت". والدلالة على كونه مصدراً انتصابه عما قبله في نحو قول الله تعالى {كتاب الله عليكم}، وقوله {وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً}. فمذهب سيبويه في هذا النحو أنه لما قال {حُرِّمت عليكم أمهاتكم} دل هذا الكلام على "كتب عليكم"، وكذلك دل قوله {وما كان لنفسٍ أن تموت} دل على "كتب الله موته ومدة حياته"، فانتصب بـ"كتب" الذي دل عليه الفعل المظهر. ومذهب غيره من أصحاب أنه انتصب بالفعل الظاهر. وكيف كان الأمر فقد تبين من ذلك أن "الكتاب" مصدر، كما أن "الوعد" و"الصنع" من قوله {صنع الله الذي أتقن كل شيءٍ}، وقوله {وعد الله لا يخلف الله وعده} مصدران انتصبا لما ذكر قبلهما من قوله {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}، وقوله {وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين}. فإذا ثبت أنه مصدر لـ"كتب" وسمي به التنزيل بدلالة قوله تعالى {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيماً}، علمنا أنه مما أجري عليه اسم المصدر، والمراد به المفعول كقولهم "الخلق" يريدون به المخلوق لا الحدث الذي هو اختراع وإبداع،