ألم يكن في وسومٍ قد وسمت بها ... من حان، موعظةٌ يا زهرة اليمن
ومن ذلك قول النابغة الجعدي أو غيره من القدماء:
إذ أصبح الديك يدعو بعض أسرته ... إلى الصباح، وهم قومٌ معازيل
فكما أجرى "الأسرة" و"القوم" على الدجاج وإن لم يكن مما يسمى في كلامهم بـ"قوم" ولا "أسرة"، كذلك يجوز أن يقع اسم "قوم" على الجن لدعائهم إلى الإيمان، وإن كان اسم "قوم" لا يقع عليهم كما لا يقع على الدجاج إلا في هذه المواضع المتسع فيها للتشبيه. وإذا كان ما ذكرته في التأويل في قول الجن بعضهم لبعض ممكناً لما أوردته من الدليل، سقط ما أتى به صاحب الرقعة من الاستدلال بالآية.
وما ذكره أني قلت: إن أناساً جمع كما قال الفراء، فغلط في الحكاية؛ لأني لم أقل، ولا أقول، إن أناساً ليس بجمع على الإطلاق الذي ذكره صاحب الرقعة، ولكني قلت: إن ليس بجمع تكسير، وليس بجمع إنسان، وقد دللت على ذلك في رقعة نفذت قبل، وسأدل عليه في هذا الكتاب أيضاً بما لم أذكره فيما تقدم، واقول: إن من الدليل على أن أناساً، وإن كان جمعاً، أنه ليس بجمع لإنسان، أنه لا يخلو من أن يكون جمعاً لإنسان أو لا يكون جمعاً له. فإن كان جمعاً له لم يخل من أن يكون جمع تكسير أو غير جمع تكسير. فلا يجوز أن يكون جمع تكسير لأن جمع التكسير