فقد تتفق الألفاظ في الحروف وتختلف المعاني، كما كان ذلك في الأسماء والأفعال. فإذا كانت هذه الكلم التي سميت بها الأفعال أسماء بما ذكر من الأدلة، وقد اتصل ببعضها الضمير على نحو ما يتصل بالفعل، لم يكن في اتصال الضمير بـ "ليس" على حد ما اتصل به دلالة قاطعة على أنها فعل.
ومما يدلك على أن "ليس" كالأمثلة المأخوذة من لفظ أحداث الأسماء، أنها لا توصل بـ "ما" التي تكون مع الفعل بتقدير المصدر، فتكون معه بمنزلة الاسم، كما أنها إذا وصلت بسائر الأمثلة كانت معه بمنزلة المصدر؛ ألا ترى أنه لا يستقيم "ما أحسن ما ليس زيد ذاكراً" كما يجوز "ما أحسن ما كان زيداً ذاكراً"، فلو كانت فعلاً على الحقيقة لوصلت "ما" بها كما وصلت بسائر الأفعال ماضيها وحاضرها وآتيها، فلما لم يوصل بها كما لم يوصل بـ "ما" حتى يكون خبرها فعلاً، كقولك "ما أحسن ما ليس يذكرك زيدٌ"، دل ذلك على أنه أجري مجرى ما ينفى به مما ليس بفعل.