والبغداديون أو طائفة منهم قد أجازوا هذا، فحكوا "قام القوم ليس زيداً"، وقالوا: إن شئت صيرت "ليس" نسقاً، فرفعت الاسم بعدها على النسق. قالوا: وقد حكي عن بعض العرب [أنهم] قد قالوا: ذاك ليس واحد ولا اثنان، فرفعه. قال أبو علي: فهذه الحكاية إن كانت مسموعة من فصيح فلا حجة فيها لاحتمالها غير النسق؛ ألا ترى أنه يجوز أن يضمر فيها القصة والحديث، ويكون التأويل: ليس القائل واحدٌ منهم، أي: ليس الأمر القائل واحدٌ منهم، فحذف المبتدأ للدلالة عليه. ويجوز أن يكون "واحد" مرتفعاً بـ "ليس" ويحذف الخبر، قالوا: فإن قلت: قام عبد الله ليس زيدٌ، لم يكن إلا الرفع، و "ليس" نسق، ولا يكون استثناء لأنه لا يستثنى واحد من واحد. قال أبو الحسن: وهذا عندنا على معنى: ليس زيدٌ قائماً، فحذف الخبر لدلالة الكلام عليه، ولا يكون استثناء، ولكن جملة أُتبع جملةً. وكذلك ما أنشدوه من قول لبيد:
...................... .... إنما يجزي الفتى ليس الجمل