قد قيل ذلك إن حقٌ وإن كذبٌ ... فما اعتذارك من شيءٍ إذا قيلا
أي: إن كان فيه حق، وإن كان فيه كذب، فحذف الخبر. فكما ساغ حذف الخبر في هذا ونحوه، كذلك يسوغ حذف خبر "ليس" في قولهم "ليس الطيبُ إلا المسكُ".
وما تقدم في بعض وجوه هذه الحكاية أنه على إضمار القصة والحديث، فإن حكم ما يضمر من الأسماء أن يكون بعد أن يُعرف المضمر في الأمر العام الأكثر، وما يُعرف به على ضربين: أحدهما أن يتقدم ذكره، فيضمر للمعرفة به لتقدم ذكره. والآخر أن يعرف لدلالة الحال عليه، وإن لم يتقدم له ذكر، كقوله {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله {ما ترك على ظهرها من دابةٍ}، و {حتى توارت بالحجاب}، ونحو ما حكاه سيبويه من قولهم:"إذا كان غداً فائتني" يريد: إذا كان ما نحن عليه غداً فائتني.
ومن هذا الضرب قولهم "من كذب كان شراً له"؛ لأنك أضمرت الكذب، ولم يتقدم له ذكر، وإنما ذُكر ما يدل عليه. وإنما صار دلالة الحال على المضمر كتقدم الذكر لاجتماعهما في أن عرف بهما المضمر، ولمّا كان حكم الضمير في الأمر العام ما ذكرت، وأضمرت الأسماء في مواضع قليلة