والضم في "لَعَمْرُك" في القسم، واستعمال الماضي في "يَذرُ"و "يَدَعُ"/ وإيقاع أسماء الفاعلين أخباراً لـ "كاد" و "عسى"، ثم لا يجيء به السماع، فيرفض ولا يؤخذ، ويطرح ولا يستعمل، ويكون المستعمل لذلك آخذاً بشيء رفضه أهل العربية، كما رفضوا استعمال سائر اللغات التي ليست بلغة لهم. وهذا طريق يؤدي سالكه إلى خلاف ما وُضعت له العربية؛ لأن هذه العلل إنما تستخرج من المسموعات بعد اطرادها في الاستعمال؛ لتوصل إلى النطق به على حسب ما نطق به أهل اللغة العربية، وتسوي في الفصاحة بمن أدركها، ويأمن بتمسكه بها الزيغ عن لغة الفصحاء المعربين إلى لغة من لم يكن على وصفهم، فإذا أدى إلى خلاف ذلك، وجب أن يُنبذَ ويُطرح من حيث كان ضدًّا عمّا له وضعت هذه الصناعة، واستخرج من أجله هذا العلم.
فإن قيل: فهل تجيز "ليس زيد إلا قائم" من حيث أجزت "ما زيد إلا قائم"، فترفع الخبر مع ليس من حيث رفعته مع ما؟
فالقول: إن هذه الحكاية لو كانت لا تحمل وجهاً غير هذا الوجه، لوجب ألا يقاس عليها لقتلها ومخالفتها الجمهور والأكثر؛ لأن الواحد ومن جرى مجراه، قد يجوز أن يعرض له أمر يستهويه فيغلّظه؛ لأنه إنما يرجع إلى طبعه وعادته، وليس معه من القوة على القياس والدُّرْبة مثل ما مع النُّظَّار المتعلمين، فيميز به بين الإشارة، ويفصل بعضها من بعض بقوته في النظر، والعادةُ قد تردّها عادة أخرى؛ ألا ترى أن ذلك قد وجد في من خالط من الفصحاء غيرهم، ومثل هذا لا يجوز على الجميع. فإذا كان كذلك لم يُدَع الشائع إلى الشاذ، ولم يعدل إليه ما وجدنا عنه فسحة، وأصبنا دونه مندوحة، فكيف وهي تحتمل وجوهاً تخرج على الشائع المأخوذ به دون الشاذ المرغوب عنه. فمن ذلك أن يكون التقدير في قولهم "ليس الطيبُ إلا المسكُ" أنّ في