هذه العلامات لإجرائهم إياها مجرى خلافها التي هي "هاتِ"، كما أجروا "رب" حيث كان خلاف "كَمْ" مجرى "كَمْ"، وكما بنوا "عَطشان" و "ظمآن" على بناء "ريان"، وكما قالوا "عَلِمَ" و "جَهِلَ" و "رَغِبَ" ونحو ذلك؛ لأنهم مما يجرون الشيء مجرى خلافه كثيراً، كما يجرونه مجرى مثله كقولهم "يذرُ" و "يدعُ"، وكقولهم "أيهم عندك؟ فأجروه مجرى البعض، فكذلك "هاءِ" لما كان خلاف "هاتِ" أجري مجراه في أن أظهر الضمير فيه، كما أظهر في الأفعال حيث جعل بمنزلة "هاتِ".
ويدل على أن هذا الضرب من الكلم أسماء وليست بأفعال، أن ما كان على بناء "فَعالِ" نحو "دَراكِ" و "نَزالِ" لا يخلو من أن يكون اسماً أو فعلاً، فلو كان فعلاً لوجب إذا نقلته فسميت به شيئاً أن تعربه، ولا تدعه على بنائه؛ ألا ترى أن الأفعال إذا نقلت فسمي بها تعرب، وتزال عما كانت عليه قبل النقل، لا تختلف العرب والبصريون في هذا، وإن كان عيسى بن عمر قد خالف في كيفية الإعراب، وهم إذا نقلوا شيئاً من ذلك، وكان آخره راء، تركوه في قول الحجازيين والتميميين على بنائه، ولم يغيروه عما كان عليه قبل التسمية به.
فإن قلت: فهلا قلت إنه فعل لإعراب بني تميم من ذلك في التسمية ما لم يكن آخره راء؟