إذا كففتها عن العمل تقتضي ما يتعلق به، كما تقتضيه إذا لم تكن كافة، فهذا مما يدلك على جواز "زيدٌ من البخل، ومن الشجاعة" وما أشبه ذلك، وإذا ساغ ذلك في كلامهم، وكان معنى قد استعملوه في هذه المواضع ونحوها، كان قولهم "أخطب ما يكون الأمير قائماً" من هذا الباب عندي؛ ألا ترى أن "أَفْعَلَ" لا يضاف إلا إلى ما هو بعض له، وقولهم "ما يكون" عبارة عن الأحوال، فلولا أن "الأمير" و "زيداً" ونحوهما قد تنزل عندهم منزلة الحدث ما جازت إضافة واحد من الآحاد التي هي عبارات عن الأشخاص إلى هذه الأحوال، فقولهم "أخطب ما يكون زيدٌ قائماً" إنما هو على قول من قال "زيدٌ خطبةٌ"، فجعله إياها لإجادته لها ومهارته بها وكثرة تعاطيه وخوضه فيها. فإذا كان كذلك انتصب "قائماً" من قولك "أخطب ما يكون زيدٌ قائماً" على تقدير "إذ كان" و "إذا كان". وكان إضمار ذلك سائغاً لأنه حيث صار "أخطب" ونحوه عبارة عن حدث على الاتساع، لم يمتنع أن تقع أخبارها أزمنة؛ ألا ترى أنك تقول "القتالُ يوم الجمعة". فالحال من الجملة المضاف غليها ظرف الزمان المحذوف./ ويدل على صحة هذا التقدير والتأويل أنهم قد جعلوا خبره الظرف من الزمان، فقالوا "أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة"؛ أفلا ترى أنه لا يخلو من أن يكون منقولاً كما وصفنا، أو متروكاً على أصله،