لم يجز تقديمها عليها، ويؤكد ذلك قوله {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم}؛ ألا ترى أن المعنى: لا يُصرف عنهم يوم يأتيهم، فإذا كان هذا الظاهر كان "يوم" معمول الخبر، والمعمول إنما يقع حيث يجوز وقوع العامل.
ومن امتنع من تقديم خبر "ليس" جعل الظرف معمول ليس، وكان له أن يقول: إذا كانت المعاني تعمل في الظروف إذا تقدمتها كقولهم "أكل يومٍ لك ثوبٌ"، جاز ذلك في "ليس" أيضاً؛ لأنها بالفعل أشبه منها به، فأجعل الظرف معمول "ليس"، وأعلقه بما يدل عليه "مصروف"، كما أن قوله {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين} كذلك. ولا يكون "ليس" مشتقاً لمشابهة الحروف، كما أن "ليت" لا يكون مشتقاً وإن كانوا قد قالوا "الليساء" للواسعة ما بين الجنبين من النُّوق، و "الأليس" للشجاع، كما قالوا "لاته السلطان حقه يليته ليتاً" إذا منعه، و "ألته يألته" كما أن سائر الحروف كذلك.
ومن زعم أن "ليس" أصله "لاأيس" قيل له: ما تريد بقولك: إن أصله هذا؟ أتريد أن تفيدنا الحروف التي ركبت منها هذه الكلمة، أم تريد أن معناها الآن بعد التركيب "لا أيس" كما أن معنى "ويلمها" إنما هو "ويلٌ لأمها"؟ فإن أردت إفادتنا الحروف فذلك ما لا طائل فيه؛ لأن هذه الكلمة إذا حصلت دالة على المعنى الذي وضعت له، فلا فائدة في تعريف الحروف