قد ثبت أن "الفُرقان" اسم القرآن، بدلالة قوله تعالى {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}. قال أبو عبيدة:"تقديره تقدير رجل قُنعان، أي يرضى الخصمان به ويقنعان".
فإن قال قائل: هلا قال: إن "القرآن" أيضاً صفة كما زعم أن "الفُرقان" صفة؟
قيل: إن الدلالة قد قامت على أن "القرآن" لا يكون صفة كما جاز أن يكون "الفرقان" صفة، ألا ترى أن "القرآن" قد أضيف إلى ضمير التنزيل في قوله {إن علينا جمعه وقرآنه}، ولو كان صفة لم تجز هذه الإضافة فيها؛ لأن من أضاف المصدر إلى الفاعل نحو قوله تعالى {ولولا دفع الله الناس} لم يضف إليه اسم الفاعل فيقول: "هذا ضاربُ زيدٍ" فيضيف الصفة، إلى الفاعل؛ من حيث كان اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، والشيءُ لا يضاف إلى نفسه، فكذلك لو كان "القرآن" صفة كما أن "الفُرقان" صفة في قول أبي عبيدة، لم تجز إضافته إلى التنزيل في قوله {جمعه وقرآنه}، فدل جواز هذه الإضافة فيه على أنه مصدر في الأصل، وليس بصفة، وليس يمتنع المصدر أن يضاف إلى الفاعل، كما لا يمتنع أن يضاف إلى المفعول لأنه غير الفاعل، كما أنه غير الفاعل، فمن ثم ساغ إضافته إلى الفاعل كما ساغ إضافته إلى المفعول.
فإن قال: فهلا جاز أن يجري صفة على موصوفه كما قيل "رجلٌ قنعانٌ"، فأجري صفة على الموصوف؟