كلامهم معرفة من نحو هذا، ومن ثم أجاز الخليل في قول الشاعر:
يا هند هندٌ بين خلبٍ وكبد
أن يكون المعنى: يا هندُ أنت هندٌ بين خلبٍ وكبد، فجعله نكرة لوصفه بالظرف: ومثل ذلك قوله الآخر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... ....................
فأما انتصاب "قُرآن" في قوله {وقرآناً فرقناه} فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون محمولاً على {أنزلناه} كأنه قال: بالحق أنزلناه وأنزلنا قرآناً، فانتصابه على أنه مفعول به، ولا يجوز أن ينتصب على الحال كما أجزنا في قوله {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن ... قرآناً عربياً} أن يكون انتصابه على الحال، ألا ترى أنك لو قلت:"جاءني زيدٌ وراكباً" لم يستقم حمل هذا على الحال، لمكان حرف العطف.
والوجه الآخر في قوله {وقرآناً فرقناه} أن تعطفه على ما يتصل به، كأنه: وما أرسلناك إلا مُبشراً ونذيراً وذا قرآن وصاحب قُرآن، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه.