للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل الذكر أو ما يقوم مقامه من دلالة الحال، أُلزم التفسير ليكون لزومُ التفسير في باب إبانة المضمر والدلالة عليه بمنزلة تقدم الذكر. وهذا التفسير المبين للمضمر على ضربين: أحدهما أن يكون مفرداً. والآخر أن يكون جملة.

فالمفرد على ضربين: أحدهما إضمار في فعل، والآخر إضمار في حرف. فالذي في الفعل كقولهم "نعم رجلاً" و "بئس غلاماً"، لما أضمرت فاعل "نعم" قبل أن يذكر بيّن بالنكرة، ليبين هذا التفسيرُ المضمر، كما يبينه تقدم الذكر أو دلالة الحال، فصار هذا التفسير في إبانة المضمر بعدُ بمنزلة المذكور قبله في باب الدلالة عليه. وهذا المضمر على شريطة التفسير لا يجوز إظهاره. والدليل على ذلك أنهم قد أوقعوا هذا الضمير حيث لا يجوز فيه وقوع الظاهر، وذلك قولهم "رُبهُ رجلاً"؛ ألا ترى أن المظهر لو وقع على حده لجاز دخول "رُبَّ" على المعارف المظهرة، كما دخلت على المضمر، وفي امتناع ذلك ورفضهم لاستعماله دلالة على أن المضمر على شريطة التفسير لا يجوز إظهاره، وإذا كان كذلك، لم يكن قولهم "الرجل" في "نعم الرجل" إظهاراً للضمير الذي كان في قولهم "نعم رجلاً"، إذ لو كان على ذلك الحد لجاز إظهاره في "رُبَّ" أيضاً، فكما أن قولهم "رُبَّ رجلٍ" ليس على إظهار لقولهم "رُبَّه رجلاً" بلا إشكال، كذلك لا يكون قولهم "نعم الرجل" إظهاراً للضمير في "نعم رجلاً". فإذا ثبت هذه الدلالة في المضمر على شريطة التفسير في "رُبه رجلاً"، ثبت أن كل ما أضمر على شريطة التفسير بهذه المنزلة، ولهذا قال سيبويه: "هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمراً"، أراد بقوله "المعروف" المعروف من هذا الوجه الذي هو إضمار قبل الذكر؛ لأنه قد أفصح عن مراده هذا بقوله: "فهي - يعني

<<  <   >  >>