فأما قولنا "مرٍ" في اسم الفاعل من "أرى"، فإن الخليل ويونس يختلفان في الوقوف على اسم الفاعل في النداء إذا كان معتل اللام فقط، فيقول الخليل "يا قاضي"، فيثبت الياء في الوقف؛ لأن هذه الياء تثبت في الوصل ولا تسقط. وأما يونس فيقول "يا قاض" في الوقف، يحذف الياء لأن النداء موضع تخفيف وحذف؛ الا ترى أن فيه الترخيم. وقالا جميعاً في اسم الفاعل من "أرى": "هذا مُرِي"، فوقنا بالياء. فالخليل على أصله في قوله "يا قاضي"، وأما يونس فإنه كره أن يحذف الياء في هذا الاسم كما حذفه من قاضٍ؛ لبقاء الكلمة لا شيء فيه من أصل بنائها إلا حرف واحد. فهذه جملة من القول على لفظ "رأى" وما تصرف منه.
وهذا ذكر القول على خطه. قد تقدم أن الألف في "رأى" منقلبة عن الياء، وما كان من بنات الثلاثة معتل اللام بالانقلاب إلى الألف، لم يخل من أن يكون منقلباً عن ياء أو واو. فما كان من الواو على ثلاثة أحرف، فلا اختلاف في كتابته بالألف اسماً كان أو فعلاً، فالاسم نحو "عصاً" و "رجاً"، والفعل نحو "غزا" و "دعا". وما كان من الياء فالكُتَّاب وكثير من غيرهم يكتبونه بالياء، وإن كان في اللفظ ألفاً كالمنقلب عن الواو. وقالوا: إنما كتبناه بالياء لنفصل بذلك بين ما كان منقلباً من الياء، وبين ما كان منقلباً من الواو، فيعلم بكتبنا "يسعى" بالياء أن الألف منقلبة عن الياء، كما يعلم بكتبنا "رحى" أن الألف في الأصل ياء بدلالة "رحيت"، وقولهم في تثنية