.............................. ... إنما يجزي الفتى غير الجمل
وليس في إنشادهم إياه حجة على أنها عطف؛ ألا ترى أنه يجوز أن يكون "الجمل" خبر "ليس"، كأنه قال: ليس الذي يجزي الجمل، أي: إنما هو الفتى ليس إياه. ويجوز أن يكون "الجمل" اسم "ليس"، والخبر مضمر، كأنه قال: ليس الجمل جازياً.
فإن قال قائل: ما تنكرون من كون "ليس" حرف عطف؟ أو ليس قد استعمل "لكن" حرف عطف، وقد أُعمل عمل الفعل، فكذلك يكون "ليس" حرف عطف، وإن كان قد أُعمل عمل الفعل؟
قيل: ليس استعماله حرف عطف بواجب من حيث أُعمل عمل الفعل؛ ألا ترى أنك تجد أشياء كثيرة أعملت عمل الفعل، ولم تستعمل حروف عطف، فإذا كان كذلك لم يحكم بأنها حرف عطف حتى تقوم على ذلك دلالة قاطعة، فأما الحكم بأنها حرف عطف لما ذكروا فلا يسوغ لاحتماله غير ذلك، على أن أبا عمر الجرم يحكى في قولهم "ما ضربت زيداً لكن عمراً" أن يونس كان ينكره. قال الشيخ: وموضع الإنكار أن يقول: إن هذا حرف كان يدخل قبل التخفيف على الابتداء والخبر، فينبغي أن يكون بعد التخفيف مثله قبل التخفيف؛ ألا ترى أن سائر أخواتها كذلك، وأن "إن" كان قد دخل على الفعل إذا خفف نحو {إن كان ليضلنا عن آلهتنا} من حيث كان تأكيداً، فإن ذلك لم يمنعه من أن يجوز الانتصاب به كما كان يجوز به قبل، فكذلك ينبغي