للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن ثم لم يجز "لم يزل زيدٌ إلا راكباً" كما لم يجز "ثبت زيدٌ إلا راكباً"؛ لأن معنى "مازال": "ثبت"، ومن ثم غلط من غلط ذا الرمة في قوله:

حراجيج ما تنفك إلا مُناخةً ... على الخسف، أو نرمي بها بلداً قفرا

فأصل "زال" البراح الذي ذكره، ولا يمنع عندي أن يجوز الاقتصار على الفاعل فيه كما يجوز في "كان" إذا أريد به "وقع". ويدل على هذا ما حكي في تصاريف هذه الكلمة من قوله "زيلت" و "زايلت" و "تُزيل بين الجيرة الخُلط"، ثم نقل إلى الأفعال التي تدل على الزمان مجردة من الحدث "كان" وبابه، فيلزمها الخبر ولا يجوز الاقتصار على فاعليها.

ورأيت أحد أهل النظر في كلام له قرئ علي يفصل بين "مازال" و "ما برِح" بأن يقول: إن "بَرِحَ" لا يستعمل في الكلام إلا أن يراد به البراح من المكان، فيذكر المكان أو الحدث للدلالة عليه. وهذا الذي قاله في "لا يبرحُ" من أنه لا يستعمل إلا في المكان لا يصح، وقد جاء "لا أبرحُ"لم يرد به المكان، وذلك قوله تعالى {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرحُ حتى أبلغ مجمع البحرين} فـ "لا أبرح" هنا لا يجوز أن يراد به البراح من المكان،

<<  <   >  >>