للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الأول" في قوله: أول ما تكون فُتيةٌ، قال: البُر أرخص ما يكون، فجعل انتصاب "أول ما يكون" بعد "الحرب" كانتصاب "أرخص ما يكون" بعد "البُر"، ولم يجعل تعلق "أول ما تكون" بـ"الحرب" وإن كان اسماً لحدث، كما لم يجعل تعلق "أرخص" بـ"البُر".

فإن قلت: هلا أجاز أن يتعلق الظرف المحذوف بـ"الحرب"، وإن لم يجز أن يتعلق بـ"البُر"؛ لأن "الحرب" اسم حدث، وظروف الزمان قد تتعلق بأسماء الأحداث، وتعمل فيها؛ ألا ترى أنك تقول "القتال يوم الجمعة"، فتجعله خبراً عنه، و"القتال يوم الجمعة واقعاً"، فتجعله متعلقاً بالمصدر؟

قيل: إن "الحرب" وإن كان اسماً لحدث، فكأنه قد أزيل عما ينبغي أن يكون عليه في أصله، فصارت كالأسماء التي ليست بأحداث، كما أن "دَرَّاً" من قولك "لله درُّك" قد أزيل عن أصله؛ ألا ترى أن سبيويه قد قال فيه: "هو بمنزلة لله بلادُك". وكذلك "صاحب" وإن كان في أصل اسم فاعل مثل "قائم"، فقد صار لا يعمل عمله، ولا يجري مجراه، فكذلك "الحرب".

فإن قلت: فإذا لم تجعل تعلق الظرف المحذوف المتعلق به "أرخص" بـ"البُر"، كما لم يتعلق "أول ما تكون" بـ"الحرب"، ولم يسغ أن يتعلق "أخرص ما يكون" بقولك "قفيزان"؛ لأن القفيزين ليس بحدث، وإنما هو عبارة عن العين التي هي مكيال. فإذا كان كذلك لم يكن كـ"فُتية" في قولك "الحرب أول ما تكون فتيةٌ"؛ لأن في "فتية" معنى الفعل، فجاز أن يتعلق به الظرف لذلك، وإن لم يتعلق بالقفيزين لتعرّيه من معنى الفعل، فبم يتعلق الظرف المحذوف المنتصب "أرخص" عما اتصل به؟

فالقول: غن القفيزين وإن كان عبارة عن العين كما ذكرت، فـ"الشعير"

<<  <   >  >>